??????? زائر
| موضوع: التخطيط في التسيير الخميس يناير 17, 2013 12:40 am | |
|
تعريف التخطيط وتحديد مفهومه: اختلف تعريف التخطيط باختلاف المدارس الاقتصادية والأنظمة السياسية. وقد حصر معظم مفكري المدرسة البرجوازية مفهوم التخطيط بعده عملية فنية مستقلة عن طبيعة النظام السياسي، كما رأوا أن يكون تدخل الدولة بصورة غير مباشرة، أي أن يكون تدخلاً توجيهياً لنشاط القطاع الخاص ولصالحه. أما المفهوم العام للتخطيط فهو القيام بعمليات وإجراءات منطقية لمواجهة موضوع مستقبلي، أو تحقيق أهداف مستقبلية وفق أولويات مسوَّغة وحسب الإمكانات المتاحة. ويناقش «جان تنبرغن» مفهوم التخطيط، فيرى أن التخطيط يصبح مرغوباً به كلما كانت آثاره مرغوباً بها، وستزيد هذه الآثار: 1ـ كلما زادت الحاجة إلى التنبؤ، 2ـ وكلما زادت الحاجة إلى التزام أهداف ما. 3ـ وكلما زادت الحاجة إلى تنسيق العمل. وتتوقف الحاجة إلى كل من العناصر الثلاثة على نوع البنيان الاقتصادي للدولة، وعلى ظروفها بشكل عام. أما الاقتصادي السوفييتي «سميرنوف» فيعرف التخطيط الاقتصادي: بأنه العمل الطوعي للجماهير في قيادتها للحياة الاقتصادية والاجتماعية. أما مضمون التخطيط فيتمثل في إقامة التوازن المنطقي السليم في توزيع الموارد البشرية والمادية والمالية بين مختلف فروع الاقتصاد الوطني وقطاعاته، وذلك من أجل إقرار مهمات اقتصادية واجتماعية معينة، في ظروف لايكون فيها للسوق والمنافسة أثر أساسي وحاسم في تطور الإنتاج وفي توزيعه واستهلاكه. وهكذا فإن المدرسة الاشتراكية عكس المدرسة البرجوازية، تؤكد الارتباط المتين بين التخطيط الاقتصادي وطبيعة النظام الاقتصادي والسياسي. والخلاصة فإن مهمة التخطيط تتركز بالأساس على إقرار مهمات اقتصادية واجتماعية يرغب المجتمع في الوصول إليها والعمل على تنفيذها. المنظور التاريخي جرت أولى محاولات التخطيط الاقتصادي في الاتحاد السوفييتي منذ عام 1920 وكان هدفها البعيد هو إنجاز عملية التصنيع لاقتصاد زراعي بالدرجة الأولى في إطار نظام أوامري صارم بقيادة الاقتصاد الوطني. وقد كان لنجاح الممارسة التخطيطية في الاتحاد السوفييتي أكبر الأثر في اعتبار التخطيط أداة وأسلوباً للتغلب على الصعوبات الاقتصادية من قبل العديد من الدول غير الشيوعية وخاصة الصعوبات التي كانت سائدة عقب أزمة الثلاثينات وفي فترة مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولم يأت عقد الخمسينات من القرن الماضي إلا وكانت جميع الدول تأخذ بمقولة أن تسهم الدولة إسهاماً بارزاً في الشأن الاقتصادي وأن تمارس بعضها شكلاً من أشكال البرمجة والتخطيط وتوجيه النشاط الاقتصاديلتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية مرغوبة. وتواصل هذا الاتجاه في الستينات والسبعينات مع اختلاف طرائق التخطيط والتوجيه باختلاف النظم الاقتصادية والسياسية. ففي مجموعة البلدان الاشتراكية جرى تبني أسلوب التخطيط المركزي والتخطيط التفصيلي لجميع فروع الإنتاج المادي والخدمي في إطار الملكية العامة لوسائل الإنتاج والإدارة المركزية للموارد الوطنية، وكان الأمر يتطلب اتخاذ قرارات مركزية وتفصيلية بما يجب إنتاجه وبمستوى الأسعار والأجور ومستوى الاستثمار والتجارةالخارجية والداخلية وبالنسبة لجميع المتغيرات الاقتصادية. وكان التبرير النظري لذلك أن قوى السوق لا تقيم، بل ولا يمكنها أن تقيم اعتباراً للقيم والمبادئ الاجتماعية. وهي تخضع أساساً لمصلحة أصحاب النزوات وتؤمن مصالحهم بالدرجة الأولى، إضافة إلى أن قوى السوق هذه عاجزة عن إمكانية تحقيق التشغيل الكامل لعناصر الإنتاج واستخدامها بكفاءة وفعالية. وحقيقة الأمر أنه لم يأت عقد السبعينات من القرن العشرين إلا وكانت جميع الدول العربية والنامية تمارس شكلاً من أشكال البرمجة والتخطيط ولديها وزارات أو إدارات للتخطيط. وبانهيار الاتحاد السوفييتي ومجموعة البلدان الاشتراكية الأوربية انتهت الممارسة التخطيطية لهذه البلدان، وحلت محلها إجراءات للتحول بسرعة إلى آلية السوقومحاولات لإبعاد الدولة عن التدخل في الحياة الاقتصادية. وفي مواجهة هذه التبدلات على الساحة الدولية وتنامي الاتجاهات الليبرالية الجديدة شرعت الدول الاشتراكية الأخرى بمحاولة إعادة هيكلة اقتصادها على نحو تستطيع معه جذب رؤوس الأموال الأجنبية مع المحافظة على أثر الدولة في إدارة الاقتصاد الوطني وتوجيه أنشطته. مستويات التخطيط وهي التخطيط الشامل، والجزئي والقطاعي، والإقليمي. ـ التخطيط الشامل: ويشمل كل الأنشطة الاقتصادية للبلاد، ويتطلب تحديداً دقيقاً للأهداف المطلوب تحقيقها في جميع مراحل عملية إعادة الإنتاح الموسع. ويرتبط نجاح هذا التخطيط بمدى تضمنه أهداف المجتمع وطموحاته وبمدى توفر أركانه الأساسية المتمثلة بالواقعية والشمولية وبالمرونة والاستمرارية. ـ التخطيط القطاعي: ويمثل إحدى صور التخطيط الجزئي، ويهتم بتحقيق الشمول في جانب من جوانب النشاط الاقتصادي فيغطي الجوانب المختلفة لقطاع معين متضمناً تخطيط عمليات الإنتاج والعمالة ورأس المال والإنتاجية وتنظيم القطاع والخدمات اللازمة له ومشكلاته التسويقية والتمويلية، ويهتم أيضاً بالمشروعات اللازمة لتوسيع القطاع في المستقبل. ـ التخطيط الجزئي: ويتركز على بعض العمليات والمشروعات الرئيسية أو أحد القطاعات الاقتصادية المختارة. إن رقابة الدولة على الاستخدام، أو تخطيط القطاع الحكومي هي أمثلة من هذا النوع. ـ التخطيط الإقليمي: هو التخطيط المطبق على مستوى الإقليم، والإقليم هنا يمثل منطقة اقتصادية للبلاد تتميز من غيرها من المناطق بطبيعة بنيتها الاقتصادية وبمستوى تطور قواها المنتجة وبخصائص مواردها وثرواتها. ومع هذا التباين فإن كل إقليم يشكل جزءاً من كامل الاقتصاد. ويفيد التطبيق الصحيح للتخطيط الإقليمي في الاستثمار الأفضل لموارد الإقليم كما يسهم في تقليص التفاوت بين الأقاليم. التخطيط وفق المعيار الزمني ويلاحظ فيه التخطيط الطويل والمتوسط والقصير الأجل: ـ التخطيط الطويل الأجل: وهو التخطيط الذي يغطي آفاقاً زمنية طويلة بين عشر سنوات وعشرين سنة، ويتضمن استراتيجية التنمية البعيدة المدى التي تهتم بإحداث التبدلات والتحولات النوعية العميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ـ التخطيط متوسط الأجل: وتراوح مدته من خمس إلى سبع سنوات، وتنحصر مهمته في تكييف استراتيجية التنمية بعيدة المدى مع الظروف المتغيرة، وفي تجزئة أهداف التخطيط الطويل الأجل الرئيسية إلى أهداف خمسية وسنوية محددة. ـ التخطيط القصير الأجل: ويتضمن الخطة الجارية التي تنحصر مدتها بعام واحد. تُجزَّأ في إطاره أهداف الخطط المتوسطة إلى مؤشرات تفصيلية للوحدات الإنتاجية، وتبعاً لذلك فإن الخطط الجارية تمثل أداة لإدخال التعديلات اللازمة في المكونات السنوية للخطط متوسطة الأجل. التخطيط التأشيري ويعرف على أنه وضع خطة اقتصادية يبين فيها دور كل من القطاعات الاجتماعية في تحقيق الأهداف التي يصبو إليها المجتمع بتحضير عمل القطاع الخاص اعتماداً على استخدام أدوات السياسة الاقتصادية كالحوافز والأسعار والضرائب وسياسات الإقراض والإعفاءات بما يؤدي إلى التأثير في حركة النشاط الاقتصادي في البلاد وفقاً للأهداف المرغوب في تحقيقها في المستقبل. التخطيط في الدول الاشتراكية ابتدأ التخطيط الاشتراكي بعد انتصار الثورة البلشفية في روسية عام 1917، وتطورت هذه التجربة التخطيطية في إطار سعي الاتحاد السوفييتي لتحقيق التصنيع. اعتمد الاتحاد السوفييتي في المراحل الأولى للتخطيط على نظام التخطيط المركزي والأسلوب الأوامري لتوجيه النشاط الاقتصادي. وقد واجهت هذه السياسة الإخفاق التام في ظل الحرب الأهلية. مما اضطر لينين إلى اعتماد السياسة الاقتصادية الجديدة NEP التي شجعت عمل المنشآت الخاصة الصغيرة. وبعد إحداث هيئة تخطيط الدولة (غوسبلان) الجهاز المسؤول عن إعداد الخطط ومتابعة تغييرها، كان بالإمكان الشروع باعتماد الخطط الخمسية ابتداءً من الخطة الخمسية الأولى 1928-1932 التي أعطت الأولوية لإقامة الصناعة الثقيلة وتطويرها وخصصت لذلك الجزء الأكبر من الاستثمارات. ظل هذا النهج المدعوم بالأسلوب الأوامري المتشدِّد الصفة الغالبة للخطط الخمسية اللاحقة، والذي مكنّ السلطة السياسية من فرض رقابتها الشديدة على تعبئة الموارد واستخدامها ووضع الأولويات التخطيطية موضع التنفيذ ولاسيما ما يتعلق منها بتطوير فروع الصناعة الثقيلة على حساب إنتاج السلع الاستهلاكية. تركزت مهمات الغوسبلان (هيئة تخطيط الدولة) على ترجمة الأهداف المقرّة سياسياً إلى مجموعة مترابطة من الأهداف التخطيطية، مما استلزم وجوب تأمين التوافق الدائم بين الإنتاج والاستهلاك، بين انتاج البضائع الرأسمالية والسلع الاستهلاكية، وأولي قطاع التجارة الخارجية اهتماماً خاصاً لتأمين احتياجات البلاد من البضائع والسلع اللازمة بوساطة الاستيراد. وقد استلزم ذلك إعداد مجموعات كبيرة من الموازين السلعية والمادية لتأمين التوازن لجميع السلع الرئيسية. كما تطلبّ ذلك أيضاً إجراء المراجعة المتواصلة لكل مراحل الخطة وأجزائها لتحقيق التوازن العام والخاص بصورة دائمة. مثل هذه المهمة كانت معقدة للغاية في ظل المركزية الشديدة وما تقتضيه من ضرورة متابعة أعداد هائلة من التعليمات والتوجيهات التي تحدد عمل آلاف المشروعات فيما يتعلق بالإنتاج والتوزيع والنقل وغير ذلك. حدثت بعض محاولات إصلاح النظام التخطيطي اعتباراً من أواسط الخمسينات لصالح إعطاء دور أكبر للهيئات المحلية والمناطق والجمهوريات. كما جرت محاولات أخرى في نهاية الستينات لتطوير النظام التخطيطي وإيجاد الخيار والحل الأفضل بين مجموعة من البدائل باستخدام الحاسبات الالكترونية المطورة وتقانات البرمجة، كما جرى البحث عن معايير جديدة تستهدف تقليص المركزية الشديدة المترشحة منذ عهد ستالين، والاستفادة من عامل الربح وجعل الأسعار تعكس إلى حد ما العرض والطلب والتكلفة البديلة إلا أن كل ذلك لم يبدل بصورة محسوسة من طبيعة النظام التخطيطي، وتلا ذلك رفض القيادة السوفييتية خلال المؤتمر الرابع والعشرين للحزب الشيوعي السوفييتي إحداث تغييرات أساسية في نظام التخطيط المركزي. وكان التخطيط في الدول الاشتراكية الأخرى تقليداً للنموذج السوفييتي بصورة عامة عدا بعض الحالات. ففي بولونية جرى حديث عن ضرورة إجراء إصلاحات جذرية، وإقامة نوع من السوق الاشتراكية المرنة نسبياً واستمرار الملكية الخاصة في الزراعة الشكل السائد للملكية. وفي تشيكوسلوفاكية جرت حملة للإصلاح وتقليص المركزية ومحاولة إقامة أشكال لسوق اشتراكية مشابهة للسوق اليوغسلافية، ولكنها أحبطت بعد التدخل السوفييتي عام 1968. وفي يوغسلافية طور الشيوعيون اليوغسلافيون مفهومهم الخاص للتخطيط الاشتراكي، وتحولت المشروعات الحكومية لتدار من مجالس العمال التي صارت مسؤولة عن إقرار البرامج الانتاجية الخاصة وتحديد مستويات الأسعار، ومع ذلك كان للأجهزة المركزية أثر مهم في التأثير ومراقبة النشاط الاقتصادي من خلال تنظيم عرض النقد والودائع المصرفية واستخدام النظام الضريبي. وخلاصة القول إنه مع الانتقادات الشديدة والعديدة للنموذج السوفييتي في التخطيط المركزي الإلزامي، استطاع هذا النموذج تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي في الخطط الخمسية الأولى مقارنة مع الدول الرأسمالية، وتجنب حالات التضخم النقدي التي كانت تفتك باقتصادات الرأسمالية والنتائج السلبية للأزمات الاقتصادية الدورية، ومنها الأزمة الكبيرة 1929-1932. كما كان هذا النظام أكثر قدرة على تخطيط الاستثمار لصالح الصناعات الأساسية وفروع الصناعة الثقيلة على معاناته من حالات التمادي في الاستثمار لتحقيق أهداف التصنيع السوفييتي الثقيل. من جهة أخرى يرى بعضهم أن هذا النظام قد عجز في كثير من الأحيان عن مواكبة الإصلاحات الحديثة وتطوير التقانة المعاصرة إلا أنه لقي قابلية لدى العديد من البلدان النامية التي تناضل لتطوير مجتمعاتها. التخطيط في النظام الرأسمالي وجدت غالبية الدول الرأسمالية نفسها إبان أزمة الثلاثينات من القرن الماضي مرغمة على التدخل في الشأن الاقتصادي وإعطاء أهمية خاصة لحماية المنتجين المحليين في وجه المنافسة الخارجية والسماح بإقامة الكارتيلات وضرورة مبادرة الدولة للقيام بالإنفاق لأغراض اقتصادية وعسكرية. أتت الدفعات الأولى للتخطيط من اليسار السياسي، واستندت إلى اعتبارات واقعية وأحياناً سياسية، وكان اللجوء للتخطيط يتبع غالباً حدوث أزمة اقتصادية كحال فرنسة بعد الحرب العالمية الثانية وضرورة إعادة إعمار الاقتصاد الوطني وتحديثه، وحالة بريطانية لمعالجة أزمة ميزان المدفوعات عام 1961. وبصورة عامة فقد انبثق التخطيط في الدول الرأسمالية عن حالات عدم الرضا عن الأداء الاقتصادي وبروز عقبات جدية أعاقت مواصلة الاتجاه الصاعد للنمو الاقتصادي الذي حدث إبان فترة إعادة الإعمار، وعليه فقد ركزت الخطط الاقتصادية لهذه الدول على رفع معدلات النمو إلى 4-5٪ سنوياً وزيادة الإنفاق على السلع والخدمات والاستهلاك العام والخاص وزيادة الاستثمار الإنتاجي والاجتماعي إلى جانب رفع وتيرة التصدير. كما اهتمت الخطط بتحقيق التوازن الإجمالي بين الطلب الكلي والعرض الكلي للسلع والخدمات وتحقيق فائض نسبي في ميزان المدفوعات وزيادة الاستهلاك الفردي والجماعي من الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، وهذا إلى جانب الاهتمام بتصحيح حالات عدم التوازن في مجالات التنمية الإقليمية، إذ برز ذلك في خطط كل من بريطانية وفرنسة وهولندة وإيطالية وبرامجها. مستجدات التخطيط في الدول الرأسمالية استندت المحاولات الأولى للتخطيط إلى إقامة التوازنات الاقتصادية والمالية بتحديد حجوم الموارد الاقتصادية المتوقع أن تكون متاحة ومقارنتها بالكميات التي ستحتاج إليها الخطة. وأهم هذه التوازنات تركزت على العرض والطلب من السلع والخدمات والتوازن بالنسبة للادخار وقوة العمل ومسألة القطع الأجنبي. وما من شك أن اعتماد مثل هذا النهج في التخطيط على أهميته يلاقي الكثير من الصعوبات بسبب الأوجه العديدة واللامتناهية للعلاقات بين القطاعات المختلفة، وخاصة أن أي تعديلات لمجموعة من الموازين يستوجب إجراء تعديلاته في مجموعات الموازين الأخرى. إضافة إلى أن هذا الأسلوب من التخطيط قد يقلل الاهتمام بجانب آخر أكثر ارتباطاً بعملية صنع القرار الاقتصادي، وهو الحاجة إلى الاختيار بين بدائل العمل المختلفة، ولكل منها خصوصياته. أما الأسلوب الآخر الذي حل محل أسلوب الموازين بدرجة أو بأخرى فقد اعتمد على النموذج الرياضي ودراسات تحليل التكلفة ـ المنفعة cost-benefit analysis. هذا النموذج الذي يتكون من سلسلة من المعادلات الرياضية التي توصف عمل الاقتصاد الوطني وهيكليته، يمكن من التعاطي مع مجموعات مختلفة من الأهداف بطريقة إدخال قيم هذه الأهداف في الحاسوب. إن تحليل نموذج التكلفة ـ المنفعة المعرف أحياناً بنظام تخطيط الموازنة وبرمجتها يمثل جهداً إيجابياً لتطوير الإنفاقات الحكومية باعتبارها غير حساسة لمسألة السعروالربحية. إن التخطيط والبرمجة الرأسمالية يتركان هامشاً كبيراً للمبادرة الخاصة للمستهلكين والمنتجين ولا يقيدان من إمكانية اعتماد أدوات السياسة الاقتصادية والمالية مما يوفر للخطة مساحة واسعة من المرونة والحركية. التخطيط في دول العالم الثالث ما إن حصلت الدول النامية على استقلالها السياسي حتى شرعت في إدخال أسلوب التخطيط الاقتصادي، واعتمدت غالبيتها على نظام الخطط الخمسية التي كانت محاولات لتطوير عملية التنمية من خلال ثلاثة مداخل: 1ـ العمل على زيادة الحجم الكلي للاستثمار. 2ـ توجيه بعض الاستثمارات لإزالة الاختناقات في نطاق الإنتاج بالنسبة للقطاعات الاقتصادية الرئيسية. 3ـ العمل على تأمين مستوى جيد للتنسيق والتوافق بين الأجزاء المختلفة للخطة. وكانت هذه الدول النامية الفتية تبدأ عملها التخطيطي ببرامج وخطط مبسطة تتضمن قائمة بمشروعات مطروحة من الإدارات الحكومية المختلفة من دون مراعاة لشروط التكامل فيما بينها. ومع ذلك فقد كان بالإمكان لهذا المستوى من التخطيط أن يحقق كثير من الفوائد، ويقلص من الاختناقات فيما لو انتُقيت المشروعات وصُمِّمت بصورة صحيحة وأكثر ملاءمة، وكانت المشكلة الدائمة في أن إدراج هذه المشروعات كان يتم في كثير من الأحيان من دون دراسة وافية ومن دون تقويم موضوعي لتكاليفها ومنافعها، إلى جانب أن ضعف التنسيق فيما بينها يزيد من نسبة الهدر ويقلص من دور الأولويات. وفي تنفيذ هذه البرامج الاستثمارية جرى الاعتماد على دور الموازنة السنوية في التخطيط، وحاولت بعض الدول الانتقال بالتخطيط إلى مرحلة التخطيط الشامل الذي يضم نشاط القطاعين العام والخاص، ويجمع بين النشاط الاقتصادي الكلي ومستوى المكونات التفصيلية للمتغيرات الإجمالية، كما يمثل نوعاً من عدم الثقة في دور آلية السوقلتحقيق التنمية، ويعبر عن رغبة الدولة في تحقيق الاستقلال الاقتصادي والسيطرة على النشاط الاستثماري والتجارة الخارجية إضافة إلى قيامها بعملية الدفعة القوية التي تستطيع من خلالها إقامة مجموعة من المشروعات المتكاملة اقتصادياً وتقنياً.
منقــول
|
|