التعاون والتضحية
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى
الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
المائدة/2
(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ
فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ) الأنفال /46
(يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ
كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ) الأنفال/ 45
وهنا نستدل على أن
لا يعجز القوم إذا تعاونوا ، وهو أيضاً في شد القوم في اجتماعهم ووحدتهم وترك
التفرقة في ما بينهم ، لأثر التعاون في منعة القوم وعزتهم . ونعم ما قيل في هذا
الصدد:
إذا العبء الثقيل
توزعته .... رقاب القوم هان على الرقاب
(وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
المائدة
وأن الآيات
القرآنية والسنة المطهرة تركز على وحدة القوم ليعيشوا ضمن الجماعة ، ويعرف الكل ما
لهو وما عليه من خلال بنيتها الأخلاقية والقانونية والتربوية على صياغة الفرد
ودمجه في الجماعة ، وإيجاد حالة من التفاعل والترابط والتوازن على أساس التعاون في
تبادل المنافع والأخوة وحفظ الأمن الجماعي من الغلاف والصراع والعدوان ،وتدعوهم أن
يتعاونوا على الخير والمنافع ، وتنهاهم عن التعاون على الشر والعدوان.
وروي عن الإمام
جعفر الصادق (عليه السلام) قال أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحدث عن
علاقة الفرد والجماعة حين سئل : [ من أحب الناس إلى الله ؟ قال : ( أنفع الناس
للناس)] وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قوله : [ إن الخلق كلهم
عيال الله، فأحبهم إلى الله عز وجل أنفعهم لعياله] وهذا يدل يجب على تماسك القوم
لينتفع الكل وربط الولاء للدولة لشد وبناء الأسس في تماسك المجتمع وتماسك أفراده.
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام : [ مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد
بالسهر والحمى]. وهنا يجب أن نلتزم بمكارم الأخلاق وطاعة الرحمن وأولى الأمر يعني
الدولة ورئيسها لأنه بمقام القائد والأب لحل المشاكل العالقة بينكم .. يرى ضياع
الوقت وتضيعه وعدم الانتفاع به يعني انعدام القدرة على إيجاد أي شيء أو إنجازه .
وهذه منفعة للعراق والشعب لمثل شرعية هذا القرار وأن الله تعالى يصف الزمن عنصر
أساس في إيجاد وإنجاز من مثل هذا الأمر (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا
جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ
شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ
آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) سورة المائدة / 48 .
إذن لا تضيع لمثل
هذا القرار وعلمياً هو حكيم ونعم ما قيل في هذا الصدد :
وخلّ سمته صفعا
بمالٍ * فقال تواز عوه يا صحابي
إذا الحمل الثقيل
تواز عنه * اكف القوم هان على الرقاب.
وبما أن الوطن هو
الأصل والتعاون والأخوة هو سر بقاء الأمم يجب علينا أن نتبادل المنافع والأخوة
وحفظ الأمن الجماعي من الغلاف والصراع والعدوان؛ وبالمصافحة أدعو الكل أن يتعاونوا
على الخير والحب لمنفعة الوطن
مثال رائع للتضحية والتعاون
راقب
العلماء عالم النمل طويلاً وظنوا في البداية أنه عالم محدود لا يفكر ولا يعقل ولا
يتكلم! ولكن تبين أخيراً أن النمل هي أمة مثلنا تماماً، له قوانينه وحياته وذكاؤه،
وتبين أن هندسة البناء عند النمل أقدم بكثير من البشر، حيث يقوم النمل منذ ملايين
السنين ببناء المساكن وحديثاً كشف العلماء طريقة بناء الجسور عند النمل.
فقد جاء في دراسة جديدة (حسب موقع رويترز) أن الطريقة التي يعتمد عليها
النمل لعبور الحُفر هي بناء الجسور بالأجساد! فقد ذكر باحثان بريطانيان أن أسراب
النمل حين يعتريها السأم من الحفر في مسارها تضحي بالبعض منها في سبيل الباقين حيث
يعمد بعضها إلى التمدد داخل النقاط غير المستوية لصنع مسار أكثر انسيابية لباقي
السرب.
وتوصل الباحثان إلى أن نوعاً من أنواع النمل يعيش في أمريكا الوسطى
والجنوبية يختار أفراداً من السرب يناسب حجم أجسادها حجم الحفرة المراد سدها.
وذكرا في تقرير نشرته مجلة السلوك الحيواني أنه ربما تكاتف عدد من أعضاء السرب
لملء الحفرة الأكبر!
تأملوا معي هذا الجسر الحي وكيف قامت
بعض النملات بالتضحية في سبيل الآخرين، ويقول العلماء إن النملات التي تصنع من
أجسادها هذا الجسر تتألم كثيراً أثناء مرور النمل فوقها، ولكنها تصبر وتتحمل وتبقى
متماسكة كالجسر الحقيقي حتى تمر آخر نملة!
ودرس
سكوت باول ونايجل فرانكس من جامعة بريستول نوعاً من النمل يسمى ايسيتون بيرتشيلي
يسير عبر غابات أمريكا الوسطى والجنوبية في أسراب تضم ما يصل الى 200 ألف نملة!
ودائما ما يبقى السرب على صلة بالمستعمرة من خلال طابور
طويل من النمل. لكن هذا
الطابور الطويل من النمل الحي قد يضطرب بشدة حين يمر أفراده فوق أوراق الشجر
والأغصان المتناثرة على أرض الغابات.
نرى في هذه الصورة كيف يتمسك النمل بعضه ببعض ليبني جسراً متيناً، هذا
الجسر يستخدم لعبور النملات عليه من ضفة لأخرى، ويؤكد العلماء الذين درسوا هذه
الظاهرة أن النمل يختار بعناية فائقة الأحجام المناسبة للنملات التي ستضحي بنفسها
وتصنع هذا الجسر!
إن هندسة بناء الجسور عند النمل تعتبر تقنية متطورة جداً وبدون تكاليف، فقط
بقليل من التضحية والتعاون، والذي يستغربه العلماء هذه الطاقة الكبيرة التي يقدمها
النمل أثناء صنعه للجسر الحي، ويعجبون من صبره وبذله لهذا الجهد الكبير والمبرمج،
ولذلك يؤكدون أن النملة تتمتع بذكاء عالٍ وحب لأخواتها النملات، وهنا أتوقف قليلاً
وأتذكر قول الحبيب الأعظم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
سبحان الله